صاحب البلاغ يطلب المساواة فى العقاب بإسم العدل! وقد ساوى هو أولاً بين نشر لقطات من الفيلم فى سياق إدانة، واستنكار، وتنديد؛ وبين نشر كامل ما توفر من الفيلم فى سياق موافقة، وإقرار، وتأييد؛ صحب ذلك سب صريح، وإزدراء غني عن التأويل!
كمن يساوى بين ذِكر آيات القرآن الكريم فى سياق استشهاد، أو تفسير؛ وبين ذِكرها فى سياق استهزاء، أو تكذيب!
كمن يساوى بين قول الكفر فى سياق إثارة شبهة، وبهتان؛ وبين قوله فى سياق رد شبهة، وبيان!
وليست كل المساواة عدل!
ثم يُدهشك أكثر وأكثر .. أن طالب المساواة لم يساوى بين عَرض “خالد عبد الله” للقطات من الفيلم المسيئ، وبين اتصال “ريهام السهلي” بالمدعو “موريس صادق” فى برنامجها “90 دقيقة”، ومنحها إياه الفرصة كي يزدرى دين المسلمين على الهواء مباشرةً!
وهو ذات الشخص الذى عبر إعلامي آخر هو: “وائل الإبراشي” البحر ومن وراءه المحيط كي يُجرى معه حوارًا قبل عام، فى أعقاب إعلانه قيام دولة قبطية، ولم ينسى أن يُطلق عليه فى حينها لقب: “شيطان الفتنة الطائفية”!
فتحت أي بند يُصنف تقديم “شيطان الفتنة” إعلاميًا، وبأى ذريعة تُفرد له مساحات الهواء كى يبث فتنته، ويسب ويزدرى دين الأغلبية؟!
طالب المساواة لم يساوى بين “خالد عبد الله” فى عرضه لخبر (سبقه إليه محرر “اليوم السابع” الأستاذ: “جمال جرجس مزاحم”) لم يُطْلقه، ولم يختلقه، ولم يلفقه؛ وبين آخرون فعلوا فى سلسلة بعنوان “جماعة الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر”، تضمن إصدارها الأخير فيديو مُلفق نشره نفس الإعلامي الكبير صاحب لقاء “شيطان الفتنة الطائفية”! السلسلة المختلقة والتى تورط إعلاميون كُثر فى ترويجها، حملت إزدراءً لشعيرة إسلامية تُميز هذه الأمة، وبها تكمن خيريتها، فحولوها إلى شعار فتنة، ومثار فزع؛ عبر سلسلة اطلقوها، اختلقوها، ولفقوها!! .. ولكنهم مع ذلك فشلوا فى إثارة -حتى إنتباه- صاحب البلاغ الذى يطلب المساواة!!
صاحب البلاغ الذى نصَّب من نفسه قيّمًا، ومراجعًا لسير العدالة؛ كان عليه أن يتحرى العدل الذى يُطالب به، وأن يُعمل المساواة التى يُنادى بها؛ من دون انتقاء!
كما أمرنا الحق تبارك وتعالى .. بالعدل مع من نكره:
“وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”
وبالقسط ولو على من نحب:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ”
هذا هو العدل، ولكننى أخشى أن يكون كثير من بلاغاتنا ما هى إلا صياغة قانونية ركيكة لاتهام أصلي هو: .. “إنى أبغض هذا”!